تتعرض مصر لحملة خبيثة في حرب غزة خاصة مع بدء المعارك الحاسمة في الجنوب علي أعتاب سيناء ..هذه الحملة تشارك فيها شبكة دولية دون أن يكون بينها رابط مباشر أو اتفاق أو هيكل تنظيمي مشترك من أي نوع..إنما هي توافقت من خلال خصوصية ودور كل عنصر فيها تجاه مايريدون من أهداف حتي لو توافقوا عليها ولو بمحضر الصدفة أو استغلالا لسير الأحداث.
الحملة تركز الآن علي زعزعة ثقة المصريين والعرب في دور مصر فيما يخص السؤال الكبير عن حقيقة الغرض الأكبر من تفجير العدوان علي غزة ،وتعدد الإشارات من جهات متعددة إلي الموقف المصري من تهجير الفلسطينيين ألي سيناء في إطار ماأسموه بمؤامرة صفقة القرن.
مثلا إسرائيل تستخدم ادواتها السياسية والعسكرية والدعاية للإيحاء بأن مصر تقول شيئا وتفعل شيئا آخر ،وظهر ذلك جليا من بث الإعلام الإسرائيلي لمعلومة مضروبة أو علي الأقل مشوهة عن أرسال الجيش الإسرائيلي لمنسق يبحث مع الجانب المصري سيناريو الاعتداء علي الجنوب ،بما في ذلك من إشارة شديدة الخبث ،رغم انه من الوارد أن يكون هناك منسق فعلا ،لكن اللعب هو في تشويه مضمون التنسيق ..وجاء هذا بعد تصريحات مصرية واضحة وصريحة عن رفض المساس بالحدود المصرية وأن هذا المساس سيواجه بالتصدي..
وفي الفضاء الإلكتروني نري إعلاميين مصريين في الخارج يكررون كل يوم مضمونا واحدا عن أن مصر محشورة في الزاوية وأنها لابد وأن ترضخ في النهاية لواقع العمليات العسكرية في الجنوب ،وأن خريطة الحدود في آخر الأمر ستتغير.. وهو اتهام خطير لمصر يتم التركيز عليه في فيديوهات هؤلاء الإعلاميين الذين اختصروا مصر في مجرد العداء الشخصي لشخصية ما..وهو ترويج خبيث أيضا ألتقي مع الترويج الإسرائيلي حتي ولو بدون اتفاق لكنه يؤدي الغرض ..ويبدو لفطنة المتابع كما لو كان تعاونا وتنسيقا مع العدو دون إلتقاء ..
ولاتبتعد أوروبا وطبعا الولايات المتحدة عن هذا الخط حتي لو كانت التصريحات العلنية غير ذلك..وكل هؤلاء علي يقين بأن ”كلمة سر” نتائج هذه الحرب عند مصر من الألف ألي الياء.. ومن الضروري مادام موقع مصر من الأزمة بمثل هذه الأهمية البالغة ألا يتم تركها بدون حصار وضغط ..بل يجب خلخلة موقفها والصبر عليه وصناعة ظروف تساعد علي الخلخلة حتي يتم خلع الموقف المصري الذي يريده الآخرون..إلا أن مصر بتجاربها الطويلة في الصراعات علي مدار ٧٥ سنة تملك كنزا من الخبرة والقوة الشاملة التي تستطيع بها أن تفهم وتحسن التفكير والمناورة والتصدي بكفاءة.