بقلم جمال اليمني
يجب علينا جميعا لمصلحة الوطن أن نلقى الضوء على النماذج الفريدة في الإدارة والتي حققت طفرات في مجالها ويجب أن تدرس بابداعها خارج صندوق الدولاب الحكومي ليستفيد منها الجميع وباعتباري أحد أبناء قنا ، فقد كنت شاهدا على تجربة النجيب اللواء عادل لبيب أثناء فترة تولية محافظا لقنا بعيدا عن أي مجاملة
وبعد صدور قرار تكليف اللواء عادل لبيب محافظ لقنا كنا معشر المراسلين لصحف صاحبة الجلالة بصحبة عدد من القيادات الشعبية والتنفيذية وأبناء المحافظة لاستقبال المحافظ الجديد وما ان وصلت السيارة التى يستقلها المحافظ أمام مقر المحافظة وبدأ بالقاء التحية و السلام على المتواجدين لاستقباله والحديث معهم وبعد أن انتهى من مصافحة مستقبليه صعد اللواء عادل لبيب الي مكتبه وبدأنا نرصد تحركاته في الأيام التالية لكنه مر شهر و شهرين لم نسمع اي نشاط يذكر للمحافظ الجديد، بدأت أكوام القمامة تعلو في قلب ميادين قنا والمحافظ لا حس ولا خبر ، وكنا نسمع أحيانا حواديت عن خروجه ليلا والناس نيام وأثبتت الأيام بعد ذلك أن الرجل كان طبيبا ماهرا يشخص الداء والدواء معا في الأيام التي اختفى فيها عن أعين الكثيرين لكن ماذا يفعل في ضوء قلة الامكانات وطبائع المواطنين ورخوة الجهاز الإداري والسلطة القوية لنواب الشعب والشورى والمجالس الشعبية في القرى والمراكز والمدن و المحافظة ، والمؤكد أنه وضع يده جيدا على الداء والدواء وهو ما مكنه من أن يصل بقنا الي مكانة عالية أعاد لها وجهها الحضاري بين محافظات الجمهوريه من توسعهذة لشوارعها وإعادة رصفها حتى الدروب والحارات الضيقة والتي اتساعها لا يسمح لدخول المعدات بها و استعاض في رصفها باسطوانات البوتاجاز بدلا من المعدات وأضاف اللمسات الجمالية للميادين والمساحات الخضراء وإضاءات الأشجار والشمعدانات في الميادين والشوارع وإقامة القاعات والنافورات و النوادى الجديدة مثل نادي الفتيات في قنا ذات الطبيعة القبلية وأقام الجداريات التي تزين الكثير من الميادين وأعاد الاحترام والهيبة لساحة العارف بالله سيدي عبد الرحيم القنائي بعد أعمال التجميل والتطوير وإقامة حديقته ونافورته الجميلة حتى أن سلوك المواطن القنائي بدأ يتعامل مع كل إنجاز بتحضر ورقي لدرجة أن المواطن كان يعنف من يحاول قطف ورده أو إلقاء شيئا بعيدا عن صناديق القمامة، هذا من جانب وأعاد للموظف العام هيبته حتى وصل الأمر انه لايجرؤ أحدا على التعدي لفظا أو قولا على موظف بمكتبه وعلى عامل نظافة في الشارع مقابل معاملة الموظف للمواطن بكل احترام وعندما اكتملت الصورة وأصبحت قنا من اجمل محافظات الجمهورية جمالا ونظافة فوجب المتابعة الدائمة لكل ما تم إنجازه لحظة بلحظة وما استتبع بعده حساب المقصرين بشدة ومكافأة المميزين.
هنا وجب علي أن أرصد لكم بعض من فصول الإدارة الذكية والنموذج الذي يجب أن يدرس لكل محافظ جديد بأن يفكر خارج الصندوق كي يبدع مثلما أبدع اللواء عادل لبيب محافظ قنا رغم قلة الإمكانات والموارد وكان حاسما وكان أمينا ومحافظا على المال العام وقد حدث كثير في سفرياته المكوكية من قنا إلى الاقصر للسفر عبر مطار الأقصر الدولي للقاهرة ،حيث كان يكلف سائقه بعدم مغادرة المطار وانتظاره لحين العودة من القاهرة بعد انهاء موضوعات متعلقة بشئون المحافظة والأغرب من ذلك وكنت شاهدا على ذلك انه كان قبل السفر للقاهرة يكلف المسئولين بجملة أعمال قد تصل إلى مايزيد عن عشرة تكليفات لكل مسئول أضرب أنا أخماس في أسداس، كيف للرجل ان ينفذها وهي كتيرة وثقيلة وبعد خروج المسئوول ابادره القول كيف بالله عليك معالي الوزير للرجل ان ينفذ هذه التكليفات يبتسم قائلا : أنا اظأعلم اظأنه لن ينفذ سوي موضوعين أو ثلاثة على الأكتر ، لكن تكليفي المسئول بالكثير من المهام يجعله عند عودتي ومقابلتي يدرك انه لم ينفذ الا قليلا مما كلف ويقع احساسه في دائرة أن المحافظ غاضب عليه لأنه لم ينجز ماكلف به ويتمنى ان ينته اللقاء مع المحافظ سريعا لان المحافظ غاضب عليه ولا مجال للبقاء وإهدار الوقت والنزول للعمل الدؤوب الشارع.. و يبتسم قائلا: مش كده أحسن ولا يقعد المسئول علشان يشرب شاي وقهوة وفي تلك الفترة كان توجة الدولة
بالاهتمام بالمرأة وكانت المرأة حاضرة بقوة في عهد اللوا ء عادل لبيب في كل الندوات والمؤتمرات وأصبحت تقوم بدور مهم في الحفاظ على مايتم إنجازه وهذا ذكاء الإدارة وكان يطلب منهم المحافظ سرا ان يتم إبلاغه عن كل كبيرة أو صغيرة فيما يتعلق بكافة الخدمات من مياه ، صرف صحي ، نظافه عامه بشوارعهم وكل يتعلق بشأن النظافة العامة لدرجة أن هناك من كانت تقوم بالاتصال به شخصيا بأن هناك كيس شيبسي ملقي تحت عامود الكهرباء بشارع كذا وما ان ينتهي الحديث حتى يطلب المسئول قائلا له انزل هات كيس الشيبسي المتواجد بمنطقة كذا وموجها حديثه له ولو في مرور ومتابعة ولو كل واحد شايف شغله مش هنشوف ده في الشوارع ونفاجأ بأن قد احضر كيس الشيبسي متعجبا من العصافير التي تخبر المحافظ ويتصبب العرق من جبينه ويقول والله مش عارف مين اللي بيقول للسيد للمحافظ وفي أحد المرات شاهدت انا بأم عيني مسئو لا قد امتلأت عيناه بالدموع ، اعتقدت أن خبرا سيئا وصل إلى سمعه وعندما وصلت للحقيقة ، عرفت انه المحافظ ثم دخلت وسالت الوزير عن الخبر الذي ربما يكون قد سمعه المسئو ل فقال لاشئ علشان الشغل فقلت يامعالي الوزير منذ وطأت اقدامك أرض المحافظة لا يدخل المسئول لمكتبه الا قليلا لأنهاء البوسته والتوقيع عليها والنزول الي الشوارع لمتابعة الأعمال كمان ودي تجربة أخرى ضمن التجارب الفريدة للمحافظ اللواء عادل لبيب وكنت متواجد أثناء الحوار وهو لقاء المحافظ مع المسئولين بإدارة المرو ر مطالبا لهم بحصر شامل لجميع سيارات الأجرة الكبوت داخل المحافظة وبعد أن وصل اليه العدد قالها بحسم مثلا الاجره المقرر ٨٠ جنيه على كل مركبة شهريا يضرب هذا الرقم في عدد المركبات مطلوب اول كل شهر إجمالي المبلغ كل شهر مافيش مليم واحد يروح كدة ولا كدة ومش حنقطع عيش حد محدش حنمشيه ، الشغل يبدأ ولو بتحصيل واحد جنيه ولو كل يوم ٢ جنيه المهم يوم ٣٠ كل شهر المسئول يكون قد قام بالتحصيل للمبلغ كاملا والحساب عسيرا للمتأخرين بعد أن كانت أموال الكارتة تذهب سدي وبهذا التوجه زادت الموارد بالصناديق الخاصة وتم الصرف منها لوضع قنا فى المكانة التي تليق بها ولكن لم يتم ذلك من فراغ بل وثق المحافظ علاقته بالمجالس المحلية ليمرر قراراته وفق القانون ومباركة القيادات الشعبيهظة المحلية وخاصة انها كانت لإعادة الوجه الحضاري لقنا وكان عادلا اذكر أن أحد نواب الشعب جاء يتوسط لمواطن في مخالفة مقرر عليها مبلغا من المال أجبر النائب على سداد المبلغ ضعفين كرسالة للنواب أن العدل للجميع وكان هذا النموذج الفريد والعجيب ذكيا في ما يتعلق بالصحفيين والاعلاميين وكان يطير بجناحين الاستاذ مصطفى بكري رئيس تحرير الأسبوع والمرحوم الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي وقد زارت المحافظة قوافل الصحفيين والاعلاميين وروساء تحرير كثر والبرامج التلفزيونية ومنها البرنامج الشهير هذا المساء لسمير صبري وهذا الأسلوب في الإدارة يجب أن يدرس لكل محافظ أو مسئول ، وأخيرا يجب أن يكرم الرجل جزاء ما أعطى لأهل قنا بإطلاق اسمه علي أكبر شوارع المحافظة وهذا القرار سوف يثلج صدور أبناء قنا جميعا.