تعمل روسيا على زيادة إنتاج أنظمة الدفاع الجوي بشكل أكبر لتعزيز حماية المنشآت الصناعية وغيرها من المرافق، حيث تم مناقشة هذا الموضوع في اجتماع لمجموعة خاصة تابعة للجنة العسكرية الصناعية بحضور نائب رئيس مجلس الأمن، ديمتري ميدفيديف.
ونشر موقع الدفاع العربى على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تقريرا أشار خلاله أن ميدفيديف قال في ذلك الوقت: “سنناقش قضايا ضمان حماية منشآت البنية التحتية الصناعية ومستودعات وكالة الاحتياطيات الحكومية الفيدرالية”. وأضاف: “خلال اجتماع للمجموعة الخاصة التابعة للجنة العسكرية والصناعية الروسية، استعرضنا قضايا زيادة إنتاج وسائل الدفاع الجوي بشكل إضافي لحماية المنشآت المدنية والبنية التحتية الصناعية والعسكرية”. كما قام نائب رئيس المجلس بزيارة مصنع كيميائي في منطقة بريانسك تعرض لهجوم بطائرات مسيرة أوكرانية.
تزايد الاهتمام بإنتاج أنظمة الدفاع الجوي جاء في ظل نجاحات متعددة للهجمات الأوكرانية باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية ضد أهداف روسية ذات قيمة عالية. وقد حققت الطائرات المسيرة الأوكرانية نجاحات كبيرة، وزادت الهجمات اعتبارًا من نوفمبر 2024 باستخدام صواريخ غربية مثل صواريخ ATACMS الباليستية المقدمة من الولايات المتحدة، لاستهداف المزيد من المواقع داخل الأراضي الروسية.
تجدر الإشارة إلى أن قطاع الدفاع الروسي ينتج أنظمة دفاع جوي بأعداد أكبر بكثير مقارنة بأي دولة أخرى، مع تفوق إنتاج الأنظمة طويلة المدى على إنتاج جميع أعضاء حلف الناتو مجتمعين، حسبما زعمت مجلة ميليتاري ووتش الأمريكية. في أغسطس 2000، تم إطلاق برنامج جديد لإحياء صناعة الصواريخ الروسية، وشمل بناء ثلاث منشآت رئيسية جديدة لإنتاج أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى إس-400 (S-400)، بما في ذلك جناح جديد في مصنع أوبوخوف في سانت بطرسبرغ، ومصنع أفيتيك في كيروف الذي تم تحديثه بشكل شامل، ومصنع NMP في نيجني نوفغورود. رغم أن العملية استغرقت وقتًا طويلاً، إلا أن المنشآت أصبحت جاهزة للإنتاج على نطاق واسع في النصف الثاني من العقد التالي، ما سمح بإنتاج العديد من أفواج أنظمة إس-400 سنويًا إلى جانب إنتاج أنظمة أخرى مثل S-300V4 وإس-500.
على الرغم من هذا الإنتاج الكبير، وتأكيد الأداء العالي لأنظمة إس-400 في المعارك، فإن الكميات الكبيرة من الطائرات المسيرة والصواريخ المستخدمة في الهجمات، بالإضافة إلى المساحات الشاسعة للأراضي الروسية التي تحتاج إلى حماية، قد سببت تحديات كبيرة. وقد شكلت الطائرات المسيرة منخفضة التكلفة تحديًا خاصًا، مما دفع إلى تطوير أنظمة دفاع جوي جديدة للتعامل معها.
ومن الأمثلة البارزة على نجاح الهجمات بالطائرات المسيرة الأوكرانية استهداف مستودع الوقود “كومبينات كريستال” بالقرب من المنشأة التشغيلية الرئيسية لأسطول القاذفات الاستراتيجية الروسية في قاعدة “إنغلز” الجوية، ما تسبب في حرائق واسعة النطاق في 8 يناير وانفجارات أثرت على عمليات أسطول القاذفات الاستراتيجية Tu-160. لم يكن استهداف القواعد الجوية أمرًا غير مسبوق، حيث شُن هجوم باستخدام أكثر من 70 طائرة مسيرة في 13 يونيو 2024 استهدف مطار “موروسوفسك” في منطقة روستوف الروسية، على بعد حوالي 250 كيلومترًا خلف الخطوط الأمامية، والذي كان يستخدم كقاعدة أمامية لمقاتلات سو-34.
كما شملت الهجمات البنية التحتية المدنية والمجمعات السكنية. وقد لعب مستشارون لوجستيون ومقاتلون غربيون وغيرهم من الأفراد أدوارًا رئيسية في دعم الهجمات الأوكرانية، وتسريع دمج المعدات الجديدة، بما في ذلك أنظمة الاستطلاع بالأقمار الصناعية والتوجيه والاتصالات.
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى عملياتهم قائلة: “عملت قوات خاصة من دول الناتو الأخرى، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وكندا وليتوانيا، داخل أوكرانيا لتدريب القوات الأوكرانية وتقديم قناة مباشرة للأسلحة والمساعدات الأخرى”. وأضاف التقرير أن هذا يعكس “حجم الجهد السري الهائل لدعم أوكرانيا”. ورغم أن أعضاء الناتو لا يمكنهم مهاجمة روسيا مباشرة لأسباب سياسية، إلا أن الحرب في أوكرانيا وفرت فرصة لتعظيم الأضرار بالبنية التحتية العسكرية والمدنية لروسيا من خلال شن هجمات من الأراضي الأوكرانية بالتعاون مع القوات المحلية.