


أشار د. هشام عزمى أن هذه الندوة تأتى تزامنًا مع دخولِ مصر مرحلةً جديدةً في ملفِ الملكية الفكرية، مُتمثلةً في تدشينِ الاستراتيجيةِ الوطنيةِ للملكية الفكرية وكذا إنشاء الجهاز المصري للملكيةِ الفكريةِ. مرحلةُ جديدةُ واعدةُ، تهدُفُ إلى ترسيخِ احترام حقوقِ الملكية الفكرية بكافةِ أنواعِها وأشكالِها بما يكفُل حمايةَ حقوقِ المُفكرين والمُخترعين والمبتكرين والمبدعين بما يتسقُ و تاريخها الطويل في ملفِ الملكية الفكرية وبما يعززٌ مكانتَها كدولةٍ رائدةٍ في مُحيطِها العربي والإفريقي، ذلك من خلالِ بناءِ اقتصادِ قائمٍ على المعرفةِ والابتكارِ وأيضا تعزيزِ مكانةِ مصر في الاقتصادِ العالمي
وأكد أن الاستراتيجيةُ الوطنيةُ للملكيةِ الفكريةِ التي أطلقتها مصُر في سبتمبر 2022 ، تعد خارطةَ طريقٍ واضحةً المعالم نحو تحقيقِ هذا الهدف. هذه الاستراتيجيةُ الطموحةُ التي تٌهدفُ إلى استغلال الإمكاناتِ الهائلةِ التي تتمتع بها الملكيةٌ الفكريةُ في دفعِ عجلةِ الابتكاِر والإبداعِ، وتحويلِ الأفكارِ إلى واقعٍ ملموسٍ يُساهمُ في دعمِ وتعزيزِ التنمية الاقتصادية.
ولقد تمثلت الثمرةُ الأولي لهذه الاستراتيجية في إنشاءِ الجهاز المصري للملكيةِ الفكريةِ منذ ثلاثةِ أشهر خَلت، ليُصبحَ الجهةُ المنوطُ بها تنفيذَ هذه الاستراتيجية، حيث يلتزمُ بتقديمِ كافِة أشكال الدعم والخدمات اللازمة للمُبدعين والمًبتكرين، وذلك من خلال توفيرِ بيئةٍ مُحفزةٍ للإبداع، وتبسيطِ الإجراءات، وتقديمِ الاستشاراتِ القانونية والفنية. وتأتي مشاركة الجهاز الوطني للملكية الفكرية في تنظيم هذه الندوة فى إطار حرصه على إلقاء الضوء على أهمية حماية وإنفاذ حقوق الملكية الفكرية.
وأضاف اننا نلتقي اليومَ لنناقشَ قضيةً بالغةَ الأهمية، وهي حمايةَ الملكيةِ الفكرية في ظل التحدياتِ المُتزايدة التي تواجهها في عالمِنا الرقمي المُتسارع. حيث إن حمايةَ الملكيةِ الفكرية ليست مجرد مسألةً قانونيةٍ، بل هي ركنٌ أساسي لتعزيزِ الابتكار والنمو الاقتصادي، وتشجيعِ المُبدعين والمبتكرين على تقديم أفضل ما لديهم لخدمة مُجتمعاتهم وأوطانهم.
وغيرُ خافٍ على أحد أننا نواجهُ تحدياتٍ كبيرةٍ في مجال حماية الملكية الفكرية. فلقد بات التعدي على الملكيةِ الفكرية ظاهرةً عالمية، تتخذُ أشكالاً مُتنوعةً ومتطورة. فلقد ساهم التطور التكنولوجي في تسهيل عمليات التعدي، وجعلَ مُكافحتَها أكثرَ تعقيداً عن ذي قبل. كما أن العولمةَ قد زادت من انتشارِ التعدي عبر الحدود، مما يستدعي تضافرَ الجهودِ على المستوى الدولي.
وأشار د. هشام عزمى انه ومما لا شك فيه، أن جهاتِ الإنفاذ تلعب دورًا لا يقلُ أهميةً عن دورِ المُشرعين والقُضاة، فهي تمثلُ خطَ الدفاعِ الأول عن حقوقِ الملكية الفكرية، وهي التي تتولى مَهمةَ مُكافحةِ الجرائم المُرتبطة بها، مثل التزويرِ والقرصنة. كما أن وجودَ جِهات إنفاذ فاعلة يعملُ على ردعِ الأفراد والشركات عن انتهاك حقوق الملكية الفكرية، وذلك من خلالِ تطبيق العقوبات القانونية الواجبة. كما أنها تشجعُ من خلالِ حمايةِ حقوقِ الملكيةِ الفكرية على الاستثمارِ في البحثِ والتطوير، حيث تضمنُ للمخترعينَ والمبدعينَ الحصولِ على عوائدٍ عادلةٍ على جهودهم. إضافةً إلى ذلك ، تُسهمُ جهاتُ الإنفاذِ في خلقِ بيئةٍ تنافسيةٍ عادلة، حيث يتمُ تقييم المنتجاتِ والخِدمات بِناءً على جودتها وابتكارِها وليس على قُدرتها على نسخ أعمال الآخرين.
غير أن جهاتِ الإنفاذِ تواجهُ تحدياتٍ جسيمةٍ في عصرِنا الحالي، حيث تُسهمُ التطورات التكنولوجية المتسارعة في تسهيلِ عملياتِ التزوير والقرصنة. فلقد فتحت التجارةُ الإلكترونية أبوابًا واسعًة أمام المُنتجات المقلدة، مما يجعلُ من الصعبِ تتبُعِ مصدرها ومُلاحقةِ مُرتكبيها. كما أن الجرائمَ العابرةَ للحدودِ أصبحت أكثر تعقيدًا، حيث يتعاون الخارجون عن القانون عبرَ شبكاتٍ دولية مُترامية الأطراف. بالإضافةِ إلى ذلك، فإن التطورِ المُتسارع للذكاءِ الاصطناعي والطباعةِ ثلاثية الأبعاد يفتحُ آفاقًا جديدة أمام انتهاكِ حقوقِ الملكية الفكرية، مما يستدعي تطوير استراتيجياتٍ جديدة لمواجهة هذه التحديات.
وعلى الرغمِ من ذلك ، فإن التكنولوجيا ذاتَها يمكنُ أن تكونَ حليفاً لنا في مكافحة الجريمة. حيث يمكن استخدام التقنيات الحديثة مثل تحليلِ البيانات الضخمة والتعلم الآلي لتحديد الأنماط السلوكية للمخالفين، وتتبع حركاتهم. كما يمكنُ استخدام التكنولوجيا الرقمية لتأمينِ الأعمال الفنية والأدبية وحمايتها من التعدي.
وفي هذا الإطار، وأودُ أن أؤكدَ على أن حمايةَ الملكيةِ الفكرية تعدُ من أولويات الجهاز المصري للملكية الفكرية. وأننا سنعملُ بشكلٍ وثيقٍ وتنسيقٍ مستمر مع الجهات المعنية الأخرى في الدولة لضمانِ إنفاذ القانون وحمايةِ حقوقِ المبدعين.
كما أشيرُ ،في هذا السياق، إلى الهدفِ الرابع للاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، متمثلاً في التوعية المجتمعية بأهمية الملكية الفكرية وحقوقِها ، باعتبارها ركيزة أساسية لحمايتها. وعليه، فإن الجهاز المصري للملكية الفكرية يولي اهتماماً كبيراً لنشر الوعي بين مختلف شرائح المجتمع، وخاصة الشباب والأطفال.
وقال د. هشام عزمى أنه يثمن الجهد المبذول من المنظمةِ العالميةِ للملكية الفكرية ( الوايبو) ومديرِها العام دارين تانج فى دعم الدول العربية والإفريقية، للارتقاء بتلك الدول وتعزيز دورِها على الصعيد الدولى فى مجال الملكية الفكرية وتعظيم الاستفادة منها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما أودُ أن أتقدمَ بخالصِ الشكرِ والتقديرِ إلى شركاءِ النجاح ، جامعة النيل وأخص بالذكر الدكتورة هبة قاعود. وأيضا إلى مكتب البراءات الياباني. ولا يفوتُني أن أتقدمَ بالشكر إلى زملائي في الجهاز المصري للملكية الفكرية وعلى رأسهم الدكتورة منى يحي على جهودهم الحثيثة في الإعداد والتنظيم لهذه الندوة.
وأكد رئيس الجهاز المصرى للملكية الفكرية أنه على ثقةٍ أن هذه الندوة تمثلُ فرصةً ثمينةً لتبادلِ الآراء والخبرات والمعارف، ومناقشةِ الحلول المبتكرة للتحديات التي تواجهنا في مجال حماية الملكية الفكرية، بُغيةَ الخروجِ بتوصياتٍ عمليةٍ تُساهم في تعزيزِ التعاونِ بيننا، وحمايةِ حقوقِ المبدعين والمبتكرين، وبناءِ اقتصاداتٍ قائمةٍ على المعرفة.