المحافظة على القيم النبيلة للمجتمع التي تحفظ على الناس دينهم ، وأخلاقهم ، هي دعوة إلى الله تعالى ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، تدعو إلى عبادة الله الواحد الأحد ، وإعمار الكون ليتحقق مراد الله من استخلاف الناس .. وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .. وهذه غاية الغايات ، فعبادة الله تعالى ، التي تدعو إلى توحيده ، والقيام بعبادته ، هي رسالة الأنبياء والمرسلين ، وبها يعمر الكون ، وتتحقق سعادته ، ويعيش الناس جميعا في إخاء ، ومحبة ، وتناغم ، وسعادة ، وانسجام ، وتعارف يحقق مصلحة الوطن من المحافظة على أمنه ، واستقراره ، وتحقيق تنميته ، ورخائه ، وأصبح كل فرد فيه لبنة مباركة ، معطيات ، ومنتجا ، ومثمرا ، ومبدعا ، يعطي ، ولا يأخذ ، ويعيش أمينا على وطنه ، أمينا على كل ما يسند إليه ، ويكلف به من مهام ، مهما كانت ، تشرف به ، وقد أضاف إليها ما تنمو به ، وتزدهر ، ويحفظ جوهرها ، ليكون نعم العطاء الكريم ، فهي أمانة ، وهي يوم القيامة خزي ، وندامة إلا من قام بحقها ، وادى الذي عليه نحوها ، وهذا معنى حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .. يا أبا ذر ، إنك ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من قام بحقها ، وأدى الذي عليه فيها ، فبناء الفرد المؤمن ، السوي ، لا يحيا إلا بالقيم ، فهي روح الحياة ، ولا تكون الحياة حياة إلا بها ، ليحيا الناس بها حياة طيبة مباركة ، وتكون لهم روحا ، ونورا ، وهدى .. وكذالك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم .. وبهذا يتلاشى الفساد ، ويقضى عليه من خلال بث القيم ، ونشرها ، والعمل على تفعيلها ، كل في موقعه يتخلق بها ، ويعمل بمضمونها ، ويترجمها ترجمة طيبة ، صادقة ، الراعي ، قبل الرعية ، والداعي قبل المد عويين ، والقائد ، قبل المرؤوسين ، والرجل في بيته ، والأم كذالك في بيتها ، لأنهم قدوة ، فكلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ، وفي الحديث الشريف .. كفي بالمرء إثما أن يضيع من يعول .. بمعنى إن لم يرتكب إثما يدخله جهنم ، والعياذ بالله العلي العظيم ، يكفيه ضياع رعيته ، ليكون من أصحاب النار ، وقس عل ذالك .. بداية من البيت ، وانتهاء بالوزارة ، والحكم ، وفي الحديث الشريف كذالك ، من استرعاه الله تعالى رعية ، فمات يوم يموت ، وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة .. فالبغش ضياعهم ، وهلاكهم ، الذي يستوجب دخول الخائن النار .
فمجتمع المؤمنين ليس بينهم ، ولا فيهم ، ولا منهم ، فرد جائع ، ولا مظلوم بائس ، ولا مريض يائس ، لا يجد ثمن الدواء ، ولا مضهد معذب ، بل هو مجتمع متكافل ، متعاون ، متآخ ، مترابط ، تحفظه قيم السماء ، وإن اخلتفت مللهم ، ونحلهم ، مجتمع تسوده عدالة اجتماعيه ، وحريه وكرامة ممنوحة من رب البرية ، مجتمع لا مكان فيه لظالم ، مستبد ، ولا لعاهر زنديق ، ولا لسارق لم يبق لرعيته شيئا ، بل هو مجتمع ملائكي ، رباني ، يسمو بالقيم والمبادئ الإسلامية ، يحاكي الملائكة نضارة ، وطهرا ، مجتمع يسع الجميع ، الجميع فيه آمن ، ولعله هو .. والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عليم حكيم ..
فاجعلوا الإخلاص رائدكم ، والصدق مع بضاعتكم ، والحفاظ على الوطن ، وقيمه غايتكم ، ومرضاة الله ، هي سعادتكم ، والله مولاكم ، وهو يرعاكم ، ويسدد خطاكم ، ويستخدمكم في طاعته ومرضاته ونفع بكم البلاد والعباد ، ويمدكم بممدد من عنده ، ويجعل عملكم هذا مقبولا ، وفي ميزان حسناتكم .. أفمن أسس بنيانه على تقوى ورضوان من الله كمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.