لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك”..السمت العماني .. هوية راسخة لمجتمع أصيل

العالم الآنالعالم الآن 23, ديسمبر 2024 00:12:25

كتب كريم عبد العلى:

يمثل السمت العماني سمة عريقة لأبناء سلطنة عمان، هي نتاج قرون من التربية المجتمعية والثقافة الدينية والقيم الأخلاقية المتأصلة في نفوسهم.
وفي ظل الحداثة والعولمة والتطور التكنولوجي يشد العمانيون بأيدي بعضهم بعضا في محاولة لحماية المجتمع من التأثيرات غير المحمودة، وحفاظا على سمتهم وأصالتهم.
وبين الواعظ والمحدث سالم النعماني أن “السمت العماني” هي مجموعة من القيم والعادات التي تميز بها العمانيون منذ القدم كحسن أخلاقهم وتعاملهم مع الآخرين، وقد نالوا شهادات بذلك منذ دخول الإسلام إلى عُمان، حيث منح النبي صلى الله عليه وسلم شهادته لهم قائلا: “لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك”، والسمت العماني يقوم على التمسك بالقيم الإسلامية، التي تشمل المعاملة الحسنة مع الآخرين، مؤكدا أن العمانيين حاولوا المحافظة على هذه القيم عبر الأجيال، ودورنا اليوم هو ترسيخ هذه السمات في أجيالنا القادمة.


ويلفت النعماني إلى أنه لابد لنا اليوم أن نسعى إلى ترسيخ السمت العماني، وترسيخه يبدأ من البيت والأسرة فعلى الآباء والأمهات أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم في السلوك والتربية، مشددا على أهمية دور المسجد في توجيه المجتمع، حيث إن للإمام دور مهم لا يقتصر على طرح مواضيع محددة كل يوم، وإنما عليه أن يغوص في المجتمع، ليعرف ماذا ينبغي أن يكون عليه وماذا لا ينبغي، وأن يكون دوره فعّال في توجيه الناس نحو الحفاظ على السمت العماني. ويشدد النعماني على دور النادي والمدرسة والمجلس بالإضافة إلى دور الشخصيات البارزة في المجتمعات التي لا بدّ أن تكون قدوة في المجتمع، وأن يكونوا قريبين من الشباب يهتمون بشؤونهم ويعملون على حل مشاكله، وأن نكون حذرين من التأثيرات الخارجية وغزو التكنولوجيا والابتعاد عن التكاسل في الحفاظ على هذه القيم.


ويتحدث النعماني عن مجموعة من العادات العمانية التي يرى من الضرورة المحافظة عليها، مثل احترام الآخرين، خصوصا كبار السن وأهل العلم ويشدد على أن يواصلوا تقدير الأشخاص ذوي الفضل في المجتمع، مثل المعلمين والمسؤولين، مؤكدا أن هذه القيم يجب أن تظل حاضرة في التعاملات اليومية.
كما تحدث عن أهمية التواصل مع الأطفال والشباب من خلال مجالس العائلة التي تجمع بين الأجيال المختلفة، مشيرا إلى أن هناك بيوتا عمانية ما زالت محافظة حتى يومنا هذا على مجلسها الخاص والعام، وعلى اللقاءات الأسبوعية ومنها الشهرية لذا، لا خوف على الشباب العماني ولكن يرى أن انشغال الناس بوسائل التواصل الاجتماعي قد أدى إلى ضعف هذه الجلسات العائلية، مما يهدد ذلك من ترابط المجتمع.

وأشار النعماني إلى أن من الأمور التي يجب أن نحافظ عليها، ارتداء الشباب العماني للملابس التقليدية الدشداشة العمانية والمصر ولبس الخنجر إن وجدت وحمل العصا، وثمن دور المؤسسات الحكومية في التأكيد على ارتداء “الدشداشة” العمانية في العمل، وكذلك في المدارس والجامعات الحكومية وهذه الأمور تورث الشباب المحافظة على السمت العماني والمحافظة على هويتهم.
ولترسيخ سمة السمت يفضل اصطحاب الأبناء عند زيارة الأرحام ليروا تطبيقا عمليا عندما يرون الكبار يتحدثون ويناقشون ويتقبلون الرأي والرأي الآخر ويتناشدون عن العلم والخبر وتقديم الكبير، وأسلوب الضيافة وتقديم القهوة، وغيرها من الأمور التي يجب أن تغرس في الأبناء ليكتسبوا هويتهم.
وعن تحديات العصر الحديث، يقول النعماني: إن تحصين الشباب من خلال برامج مكثفة في العقيدة والفقه والسيرة والتاريخ، يكون لديهم أساسا قويا يواجهون به تأثيرات العالم الخارجي بالإضافة إلى دور الإعلام متمثلا في التلفزيون والراديو والصحافة وحتى من خلال الفن كتقديم مشاهد توعوية أو مسرحيات هادفة.
ويرى النعماني أن التكنولوجيا الحديثة سلاح ذو حدين يمكن استخدامها في نشر القيم الإيجابية أو في نشر السلبيات، وهذا يعتمد على كيفية توظيفها ويؤكد على أن العمانيين يجب أن يعيشوا في زمانهم وأن يستخدموا الوسائل الحديثة بطريقة تخدم أهدافهم الثقافية والدينية ويرى أن الانفتاح ليس بالضرورة أن يكون سيئا إذا تم التعامل معه بحكمة، بحيث يمكن الحفاظ على العادات والتقاليد العمانية مع الاستفادة من التطورات الحديثة.
وعن التمسك بالتقاليد العمانية والانفتاح على الحداثة يرى النعماني أن الحل يكمن في اعتماد المنهج الوسطي، حيث يمكن للشباب أن يستفيدوا من التكنولوجيا والتطورات الحديثة دون أن يفقدوا هويتهم ويؤثر على أخلاقهم وسمتهم.
ويؤكد النعماني على ضرورة أن يكون الانفتاح صحيحا، بحيث يحافظ العمانيون على سماتهم وعاداتهم حتى في المناسبات الاجتماعية التي قد تأثرت بالتغيرات الحديثة ويرى أن هناك إمكانيات كبيرة لاستمرار هذه العادات إذا تم توجيه الجهود بشكل صحيح من قبل المجتمع، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والدينية.
من جانبه يتحدث الدكتور عبد الله العبري أن عمان والعمانيين من أعالي مسندم إلى ظفار يتميزون بسمت خاص يُعرف بالسمت العماني، وهو ليس كالصمت، بل يعكس شخصية هادئة ومتزنة تحترم الرأي والرأي الآخر وتتميز بالصدق والعدل، ولا تتعرض لذمم الناس، ولا تخون أو تغتاب، ولا تقلل من شأن أحد، مشيرا إلى أن هذه الصفات تجسد السمت العماني، والتي يتحلى بها العمانيون كبارا وصغارا، رجالا ونساء، إلا من رحم ربي فلا نزكي أنفسنا ولكن الشخصية العمانية الأصيلة هي التي تتمتع بهذه الخصال، مما يجعلها تبرز بين الآخرين.
واستذكر العبري حديثا مع أحد الأكاديميين العرب أثناء وجودهم في المملكة المتحدة، حين سأله: “هل يعد العمانيون معسكر إعداد لكم قبل الخروج إلى الغربة؟” فسأله عن سبب هذا السؤال، فأجاب بأنه لم يرَ عمانيا إلا وتعلوه الهيبة والسمت، وأن كل شخص منهم يفوق الآخر في صفاته الحسنة.

وأكد له العبري بأن هذا هو السمت العماني، الذي تجسده تربية الأسرة العمانية، التي تولي اهتماما بالغا بأن يكون العماني، سواء كان كبيرا أو صغيرا، متصفا بهذه الخصال.
وعن كيفية الحفاظ على تقاليدنا العمانية، أضاف العبري بأنه يجب غرس هذه القيم منذ سن الحضانة والروضة وفي المدرسة بمراحلها حتى سن الجامعة ليتمكن الشباب من الاستمرار في هذه التقاليد الأصيلة ونكون بها خير خلف لخير سلف، وأضاف بأن العمانيين منفتحون على العالم، غير متقوقعين بأفكارهم بفضل عقليتهم المتزنة التي تتقبل الرأي والرأي الآخر، بينما هم يحافظون على تقاليدهم.
وأوضح العبري بأننا لا نزكي أنفسنا وإن هناك من التقاليد ما يحتاج إلى تعديل ولكن بمجملها هناك ما يدعو بالفخر والكرم والعقلية المنفتحة وتقبل الرأي والرأي الآخر وعدم القدح في الآخرين والتقليل منهم وعدم الخوض في الخلافات المذهبية والطائفية فالإنسان العماني يتجنب كل ذلك لأنه شخصية تحترم الخصوصية وتحترم الآخرين وبالتالي كل ذلك يدعو بالفخر.
ويرى العبري بأنه على الرغم من التحديات المتعددة مثل وسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح العالمي والعولمة، التي قد تحمل تأثيرات إيجابية وسلبية على العادات والتقاليد، إلا أن الإنسان الذي يهتم بمستقبله ومستقبل بلده يدرك أن هذه الوسائل قد تسهم في غرس قيم إيجابية. ومع ذلك، يجب التعامل معها بحذر لأن أبناءنا أمانة، هذا لا يعني أن الهوية العمانية مهددة بالفقدان، بل على الأسرة والمؤسسات التعليمية أن تلعب دورا في تعزيز السمت العماني من خلال المناهج والأنشطة، بما يسهم في غرس هذه القيم في الأجيال الجديدة.
وأشار العبري إلى أهمية إيجاد القدوة وعلى المعلم أن يكون قدوة حسنة، ويعمل بجد على توعية الأجيال الجديدة بقيم العمانيين، فالتعليم بالقدوة هو الأكثر تأثيرا، كما يمكن نشر الوعي من خلال وسائل الإعلام المختلفة، إضافة إلى الملتقيات والأنشطة الطلابية والكشفية وأن يعمل الجميع على تعزيز هذه القيم الحسنة من خلال المناهج والمؤسسات التربوية بأشكالها.
ويؤكد العبري أن السبلة العمانية تلعب دورا كبيرا في تعزيز القيم، فهي بمثابة المدرسة التي تربي الأجيال وتربطهم بعاداتهم وتقاليدهم، إذا استمرينا على نهج آبائنا وتمسكنا بقيمنا، فلا خوف على الأجيال القادمة، مؤكدا بأن علينا أن نظهر للعالم بسلوكنا وعاداتنا العمانية، لنستطيع نشر حضارتنا ونسوق لها.
وأشار خالد المدهوشي إمام مسجد إلى أن المساجد تلعب دورا حيويا في تعزيز القيم الأخلاقية وترسيخ الصفات الإسلامية والشخصية العمانية، حيث تعد مكانا للتلاقي والتواصل بين مختلف فئات المجتمع، لاسيما في القرى، حيث يتعلم الصغار من الكبار احترام الآخرين وتقديرهم، فينعكس ذلك إيجابا على سلوكهم ويشعر رواد المساجد، خاصة في القرى والمناطق الريفية كون أن أغلب سكانها من عوائل متقاربة بمسؤولية أكبر في توجيه النصح والإرشاد فيما بينهم، في الأمور المتعلقة بالالتزام باللباس العماني، وغرس القيم والأخلاق كجزء من واجباتهم اتجاه بعضهم البعض داخل المسجد وكعائلة. مما يسهم هذا التفاعل المجتمعي في غرس القيم العمانية والإسلامية لدى الناشئة، الذين يتأثرون بمحيطهم ويترسخ فيهم الالتزام بأخلاق الإسلام وقيم المجتمع.

وأكد المدهوشي أن أئمة المساجد يؤدون دورا محوريا في غرس السمت والهوية العمانية لدى الناشئة، حيث لا يقتصر على تعليمهم بشكل متجرد أو حشو أدمغة الأطفال بمجموعة من المعلومات في نقل المعرفة الدينية، بل يمتد دورنا لتعليمهم العادات والتقاليد العمانية والإسلامية الأصيلة، كما يسعى الأئمة من خلال دروسهم ومحاضراتهم إلى تربية الأجيال على القيم العمانية وتوجيههم فيما يتعلق باللباس والأخلاق، وتعزيز الروح الإسلامية في التعامل بين الأفراد ككل، فهذا النهج التربوي يسهم في تكوين شخصية الشباب العماني، ويعمل على ترسيخ هويتهم الإسلامية والمحافظة على القيم الراسخة في مجتمعنا، فبتوجيه الأئمة المتواصل، سيغرسون هذه القيم العريقة بشكل مباشر وغير مباشر في هؤلاء الفتية، ليصبح المسجد منبعا لبناء الشخصية العمانية الملتزمة والمحافظة.
وعن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي أوضح المدهوشي قائلا إن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير على الالتزام بالقيم والتقاليد العمانية، حيث أدى هذا التداخل الرقمي إلى تلاشي بعض الفروقات الثقافية بين المجتمعات، مما أثرت في بعض الشباب العماني على صعيد اللغة أو في طريقة ممارسة أسلوب حياتهم بما هو لا يمثل مجتمعنا العماني، مما يُظهر بعض السلوكيات غير المعتادة، مثل استخدام ألفاظ السب والشتم التي لم تكن جزءا من مجتمعنا العماني وثقافته.
ونصح المدهوشي الشباب العماني بالحفاظ على السمت العماني وسط تحديات العولمة وذلك بالانخراط في المجتمع والاقتراب من كبار السن والنظر إلى ما عندهم من عادات وقيم ومبادئ أصيلة، فهم مصدر حي للتعلم العملي، فلقد جعلت وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الأفراد وخصوصا الأطفال يميلون للعزلة، في حين أن الخروج من المنزل والتفاعل المباشر يعززان الفهم العميق للسلوكيات الحميدة، كما أن الالتزام بالدين، يُعتبر أساس للقيم في المجتمع العماني المحافظ ومرسخا للأخلاق والمبادئ الأصيلة، وبالتفاعل مع المجتمع.
وأشار المدهوشي إلى أنه يمكن أن تتكامل هذه الجهود بتعاون المؤسسات التعليمية والمساجد معا في مسألة تعزيز الهوية العمانية عبر تنظيم برامج مشتركة تهدف لغرس القيم الأصيلة، فمن الممكن أن تستعين المدارس بأئمة المساجد لتقديم محاضرات تثقيفية تتناول جوانب الهوية العمانية والعادات والتقاليد الإسلامية والأخلاق الإسلامية بالإضافة إلى ذلك، أو يمكن للمدارس تشجيع الطلبة على حضور الفعاليات والأنشطة التي تقام في المساجد، مثل الدروس والمحاضرات الدينية والثقافية، مما يوفر لهم فرصة للتفاعل المباشر مع القيم المجتمعية والإسلامية مما سيسهم هذا التعاون في توثيق علاقة الطلبة بمحيطهم الثقافي والديني، ويعزز لديهم الفهم العميق للعادات العمانية وتكوين جيل واعٍ ومرتبط بهويته.
وأوضح سعادة سليمان الراجحي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية جعلان بني بوحسن أن السمت العماني هي خصائص ثقافية واجتماعية تميز المجتمع العماني عن غيره وتعكس هويته الأصيلة التي تشمل القيم الأخلاقية والعادات والتقاليد التي تشكل ملامح الشخصية العمانية الفريدة.
وأكد الراجحي أن مجلس الشورى يلعب دورا بارزا في حماية الهوية العمانية وتعزيزها لدى الشباب من خلال إعداد ومراجعة التشريعات التي تهدف إلى حماية التراث الثقافي وتوطيد الهوية الوطنية، التي تساعد على ترسيخ القيم العمانية لدى الأجيال الشابة بالإضافة إلى أن المجلس يشجع الجهات المختصة على تنظيم فعاليات وندوات ثقافية تستهدف تعزيز الوعي بالتراث العماني، وتعريف الشباب بقيمهم وتاريخهم الوطني. بالإضافة إلى حرصنا على المشاركة في المناسبات الوطنية والاحتفالات العامة، والظهور بالزي العماني والأخلاق العمانية لأهمية غرس هذه الفكرة في أذهان الشباب ورسم صورة نمطية في أذهانهم حول شكل ظهور الشاب العماني مما يعزز شعور الانتماء والاعتزاز بالهوية الوطنية لديهم.
وقال الراجحي إن الحفاظ على التقاليد العمانية والتكيف مع العصر الحديث يتطلب جهدا متوازنا من قبل الشباب، ويكمن دورنا نحن كأولياء أمور ومؤسسات في تثقيف النشء وتوعيتهم بتاريخهم وثقافتهم مما يعزز فهمهم واحترامهم للتقاليد ويمكنهم من التفكير النقدي لتحديد القيم التي يرغبون في الحفاظ عليها فالمرونة في التكيف أمرا ضروريا، بحيث يتمكن الشباب من تبني قيم حديثة دون التخلي عن جذورهم كما أن تعزيز الحوار مع الأجيال السابقة والانخراط في الأنشطة المجتمعية يعززان هذا التوازن، ولا يمكننا تجاهل دور التكنولوجيا حيث تتيح لنا فرصة الوصول إلى المعلومات الثقافية على نطاق واسع، وتمنح العمانيين فرصة للترويج لعاداتهم عالميا.
ويرى الراجحي أن تأثير العولمة على العادات العمانية هو موضوع ذو أبعاد متباينة، حيث تحمل العولمة جوانب إيجابية من خلال تعزيزها لمسألة تبادل الثقافات، مما يثري العادات العمانية بعناصر جديدة، وفي المقابل، قد تؤدي إلى تآكل بعض القيم التقليدية وتوجه الشباب نحو تقليد أنماط حياة لا تتوافق مع حياة الإنسان العماني والقيم العمانية مما قد يهدد ذلك هويتنا الثقافية، لهذا يعد التوازن بين الاستفادة من العولمة والمحافظة على القيم جزءا أساسيا من بناء هوية ثقافية غنية.


#أخبار العالم الآن #العالم الآن alalamalan #العالم الآن الإخبارى alalamalan #لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك"..السمت العماني .. هوية راسخة لمجتمع أصيل

اخبار مرتبطة