عاجل
السبت. أبريل 19th, 2025

الشيخ محمد زكى يكتب : مفهوم الفتوى!!

admin2023admin2023 9, أبريل 2025 15:04:12

الفتوى بيان الحكم الشرعي ممن يعرف الحكم بدليله لمن سأل عنه، والمفتي هو العالم بالأحكام الشرعية، وبقضايا الناس، وأحداث الحياة المتغيرة، وقد رزقه الله من العلم والمعرفة ، والقدرة ما يستطيع أن يستنبط به الأحكام الشرعية من أدلتها الكلية، وتنزيلها على واقع الناس وقضاياهم المتجددة.. بيانًا للحكم الشرعي فيها؛ فهو ينوب عن الله تعالى، وعن رسوله – صلى الله عليه وسلم- ويوقع عنهما.

وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله، ولا يجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السنيات فكيف بموقع عن رب الأرض والسماوات؟ فالإفتاء عظيم الخطر، عظيم الموقع، عظيم الفضل، والمفتي وارث النبوة، وإن كان قائمًا بفرض الكفاية إلا أنه معرض للخطر.

ومن هنا تجد أهل العلم الراسخين، والمتقين لمقام الفتوى هيابين، ومن الحديث عنها يفرون، وكان السلف الصالح من الصحابة والتابعين، والأئمة المعتبرين يود الواحد منهم لو كفاه غيره في بيان الحكم الشرعي؛ حتى ينجو بنفسه ومع عظم المسؤولية، وخطرها على دين المفتي وما يتبعها من آثار تجعل الحرام حلالًا، والحلال حرامًا.

ويفتري الأبعد، والأجهل على الله الكذب، ويتطاول بكل غرور ، وبدون حياء على الشرع والمشرع، ويتجاهل المؤسسات الشرعية الموكل إليها بصفة شرعية قانونية القيام بالإفتاء كدارالإفتاء المصرية، وهيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ولجان الفتوى التابعة للأزهر، والمنتشرة في كل ربوع الدولة، ومساجدها؛ متجهمًا بغية الشهرة التي سرعان ما تذبل وتموت؛ لأن صاحبها خرج على الفطرة التي فطر الله الناس عليها (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) وما علم أن الأمر خطير؛ خاصة إذا كان متعلقًا بالأمن القومي للبلاد؛ فلا يجوز لأحد أن يتطاول جهلًا ، وسفهًا ، ويخرج ويتحدث في أمر ليس من اختصاصه، هل يستطيع أن يفتي في أمر الصحة ، أو الجيش، أو الشرطة، أو الزراعة، أو التجارة، أو أي شيء؟ بالطبع لا..فعلام التجهم؟ ولصالح من هذا العمل المشؤوم؟! إنه خروج على منظومة الدولة، والعمل المؤسسي.

ولنا أن نسأل لصالح من .يعمل من يخرج على منظومة الدولة، ويسعى إلى التحلل، والتهرب من الشريعة، والخروج عن ربقة التكاليف بحجة وقوع الاختلاف في فهم مقصود النصوص الدينية نظرًا لسعة مدلولها الشرعي الذي يصلح الله به الحياة والأحياء؛ ليحيا الأحياء بروح الشرع، ويهتدون بنوره، فيسقط الأبعد حرمتها، وينتهك شرعتها، ويهدر حكمها مستحلا…والقصد من هذا كله …تعرية المسئولين عن الدعوة ، والإفتاء، وإظهارهم بالعجز عن قدرتهم للقيام بواجبهم.. همزًا، ولمزًا، وسرعان ما ينفر الناس عن أمثال هؤلاء السبة في جبين العلم والدعوة، وقد ظهروا بمظهر المعادي للدين (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)

فاتقوا الله في أقوالكم وأفعالكم، وأخلصوا وجهتكم لربكم…فمن التمس رضا الناس بغضب الله وكله الله إلى الناس، ومن التمس رضا الله بغضب الناس كفاه الله مؤونة الناس.

ثم لماذا يُتْرَك أمر الفتوى هكذا؟ هل يجوز لأي إنسان أن يتحدث عن شيئ لم يؤذن له به ؟خاصة إذا تعلق الأمر بشيء غاية في الأهمية؟إ نني أناشد المسؤولين الكرام بتشريع يجرم عمل الفتوي لغير المختصين؛ حتى لا يكون الأمر مشاعًا ويقوم بمهمة الإفتاء غير المختصين ممن تسول لهم أنفسهم أنهم أصبحوا فقهاء وقد تجرؤا على مقام الفتوى المهاب من علماء الامه الكبار الفقهاء الحكماء والسؤال المحير ولا ندرى لصالح من هذا العبث وهذه الفوضي هناك جهات مسئولة عن الدعوة والفتوى لماذا يصر الإعلام المصري المسموع والمقروء والمرئي على استدعاء غير المؤهلين والمرخص لهم من الهيئات الرسمية للدولة خروجا على المألوف المتعارف عليه؟هل هو تحد ؟ أم هناك توجه لظهور شخصيات غير مؤهلة بقصد التشويش على الثوابت وإفساح المجال لمن هب و دب في شأن الفتوى بحجة التجديد للفقه الاسلامي من خلال هؤلاء هل اكتمل نصاب التجديد في امثالهم؟ “أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون” …لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

الشيخ محمد زكى ، ‏الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية‏ ورئيس الجنة العليا للمصالحات‏ لدى ‏مشيخة الازهر‏



اخبار مرتبطة